سورة الأحزاب - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي ءَابَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ} أي: لا إثم عليهن في ترك الاحتجاب من هؤلاء، {وَلا نِسَائِهِنَّ} قيل: أراد به النساء المسلمات، حتى لا يجوز للكتابيات الدخول عليهن، وقيل: هو عام في المسلمات والكتابيات، وإنما قال: {ولا نسائهن}، لأنهن من أجناسهن، {وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}.
واختلفوا في أن عبد المرأة هل يكون محرمًا لها أم لا؟.
فقال قوم يكون محرمًا لقوله عز وجل: {ولا ما ملكت أيمانهن}.
وقال قوم: هو كالأجانب، والمراد من الآية الإماء دون العبيد.
{وَاتَّقِينَ اللَّهَ} أن يراكن غير هؤلاء، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من أعمال العباد {شَهِيدًا} قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال ابن عباس: أراد إن الله يرحم النبي، والملائكة يدعون له. وعن ابن عباس أيضا: {يصلون} يتبركون.
وقيل: الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} أي: ادعوا له بالرحمة، {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي: حيوه بتحية الإسلام.
وقال أبو العالية: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب، أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا أبو سلمة، أخبرنا عبد الواحد بن زياد، أخبرنا أبو فروة، حدثني عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى فاهدها لي، فقال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليمان الزرقي أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
أخبرنا أبو عمرو ومحمد بن عبد الرحمن النسوي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن محمد الدوري، أخبرنا خالد بن مخلد القطواني، أخبرنا موسى بن يعقوب، أخبرنا العباس بن كيسان، أخبرني عبد الله بن شداد، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة».
أخبرنا أبو عبد الله بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني، أخبرنا عبد الله ابن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني، أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرًا».
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم عبد الله الخلال أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن سليمان مولى الحسن بن علي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاء ذات يوم والبشرى في وجهه، فقال: «إنه جاءني جبريل فقال: إن ربك يقول أما يرضيك يا محمد أن لا يصل عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرًا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عاصم هو ابن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر».
حدثنا أبو القاسم يحيى بن علي الكشميهني، أخبرنا جناح بن يزيد المحاربي بالكوفة، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، أخبرنا بن حازم، أخبرنا عبد الله بن موسى وأبو نعيم، عن سفيان، عن عبيد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام».


قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه، لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} قال ابن عباس: هم اليهود والنصارى والمشركون. فأما اليهود فقالوا عزيرا ابن الله، ويد الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير، وأما النصارى فقالوا: المسيح ابن الله، وثالث وثلاثة، وأما المشركون فقالوا: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.
وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله سبحانه وتعالى: شتمني عبدي، يقول: اتخذ لله ولدا، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد».
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار».
وقيل: معنى {يؤذون الله} يلحدون في أسمائه وصفاته.
وقال عكرمة: هم أصحاب التصاوير.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن العلاء، أخبرنا ابن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، سمع أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة».
وقال بعضهم: {يؤذون الله} أي: يؤذون أولياء الله، كقوله تعالى: {واسئل القرية} [يوسف- 82]، أي: أهل القرية.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: {من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وقال من أهان لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة}.
ومعنى الأذى: هو مخالفة أمر الله تعالى وارتكاب معاصيه، ذكره على ما يتعارفه الناس بينهم، والله عز وجل منزه عن أن يلحقه أذى من أحد، وإيذاء الرسول، قال ابن عباس: هو أنه شج في وجهه وكسرت رباعيته. وقيل: شاعر، ساحر، معلم، مجنون.


{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} من غير أن علموا ما أوجب أذاهم، وقال مجاهد: يقعون فيهم ويرمونهم بغير جرم، {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب وذلك أن ناسا من المنافقين كانوا يؤذونه ويشتمونه.
وقيل: نزلت في شأن عائشة.
وقال الضحاك، والكلبي: نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فيغمزون المرأة، فإن سكتت اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء، ولكن كانوا لا يعرفون الحرة من الأمة لأن زي الكل كان واحدًا، يخرجن في درع وخمار، الحرة والأمة، فشكون ذلك إلى أزواجهن، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية. ثم نهى الحرائر أن يتشبهن بالإماء فقال جل ذكره: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} جمع الجلباب، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار.
وقال ابن عباس وأبو عبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوهن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر.
{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} أنهن حرائر، {فَلا يُؤْذَيْنَ} فلا يتعرض لهن، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} قال أنس: مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة، وقال يالكاع أتتشبهين بالحرائر، ألقي القناع.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13